الثلاثاء، 12 أكتوبر 2021

القط الأبيض - قصة رعب

 


أشعل الباشا الأربعيني الشابّ غليونه من جديد وهو يتابع قراءة هذا الخطاب المليء بالتحيّات والودَ والحكاوي الشيقّة التي تمليها عليه (ملك هانم) الزوجة السابعة و الحالية. كم كانت زيجاته الستّة السابقة سريعة ومتتالية, فهو قد تزوّج وطلّق ست نساء خلال عشر سنوات كاملة بدءاً من (ياقوت هانم) صديقة الأميرة ( خديجة هان) أخت الخديوي عباس الثاني عام 1903 وإنتهاء بالزوجة السادسة (لطيفة هانم) وصيفة (إقبال هانم) زوجة الخديوي و ربيبة – لطيفة- البيت الخديوي عام 1911 فكم أحبّه الخديوي السابق. هو من أقنعه بفكرة الزواج بعد ما كان يكتفي بغرامياته في أوروبا.

أعاد الباشا (كمال الحُسن) - ابن (محمد باشا الدفتردار) الذي تولى منصبه كدفتردار وأعطى اللقب للعائلة من بعده خلال فترة حكم الوالي عباس الأول – تركيزه بعد ما مررّ بيده على شعره الأسود بخصلاته البيضاء تارة و شاربه الملفوف تارة أخرى إلى الخطاب الذي أرسلته زوجته من جولتها في باركشير.
كانت تحكي له في الخطاب عن العائلة المالكة وسلامتهم للباشا الذي حصل على الباشوية تكريماً له لدوره في نهضة التعليم في البلاد المصرية. كانت تحكي له عن الهدايا الكثيرة التي حصلت عليها و أنهت خطابها بلفتة منها إلى الطرد الذي أرسلته معها.
إنتبه إلى هذا الطرد المقصود.. هذا القفص هناك.
راجع ما قالته عن هذا الطرد..
"إنها قطّة جميلة رأيتها عند عرّافة إنجليزية عريقة وقالت لي إنها جالبة للحظ الحسن والسطوة, فأرسلتُها لك فأنا أعلم يا حبيبي أنك رجل طموح ولديك طموحات بشأن الجامعة".
إبتسم لذكاء زوجته, وهزّ رأسه وبعد ما أنهت الزوجة خطابها بتوقيعها والتاريخ 1918. وضع الخطاب والغليون على المنضدة وسار ناحية القفص المُغطّى بالحرير.
يا لها من قطة جميلة.
فقط يأمل ألا تكون هذه العرّافة قد خدعت زوجته لكونها علمت أنها ثرية, فالأثرياء أكثر عُرضة للخداع بطبيعة الحال.
فتح باب القفص وأخرج القطّة! قطّ إن تحريّنا الدقة.
وضع القطّ على الأرض وذهب إلى مكتبه الفخم كي ينهي بعض الأوراق الهامّة. خلع قميصه الحريري الذهبي الذي كان يلبسه وجلس على الكرسي الفخم ونظر إلى الأوراق ولم ينتبه إلا إلى مواء القطّ بالخارج على عتبة بابه.
حاول تجاهل المواء, ولكن المواء لم يسكت.
قام وفتح الباب فلم يجد القطّ, ولكن المواء هنا. مازال هنا.
إلتفت حوله وأخذ يسير عارياً بين الأروقة حتى وجد القطّ جالساً في أحضان فتاة ممزقّة الشعر والجلد. من الهول صاح.
- من.. من أنتِ ؟
فإنسلّت القطة من أحضانها ورفعت الفتاة وجهها القبيح وأخذت تزحف هي والقطّ نحوه.
عندما عثرت الخادمة على جثة سيدها رأته في الأرض على ظهره وقد تمزّق أنفه وأذنه اليسرى بطريقة وحشية تفوح منها رائحة أشبه بالفحم المشتعل.
..
هذه الحادثة التي حكيتها موجودة في الصفحة 584 في موسوعة " كائنات غامضة" للكاتب الباحث (عبد العاطي طاحون) المنشورة عام 2006 و يختم الباحث هذه القصة بفقرة تفسرّ كل شيء.
" ظّن (كمال الحسن باشا) بأن زوجته تم خداعها, ولكنه هو المخدوع في كل هذا. العقلية الشيطانية للهانم جعلتها تفكّر في طريقة سحرية بشعة للتخلص من زوجها عبر ساحرة غربية تجيد سحر القطط. كان سيطلقها عاجلاً أم آجلاً كما فعل مع زوجاته الستّة, و رأت هذه الشيطانة أنه إن فعل فلن تحصل على الثروة الرهيبة التي سيتركها و لن تسافر في جولاتها المتكررة وسيعيدها مرّة أخرى بين صفوف العامّة, فكانت (ملك) الفاتنة ابنة بائع اللبن تجيد السحر وتهتم به وإلا فكيف وصل إبن الدفتردار إلى مستوى أن يختار زوجة من العوام مالم يكن السحر ؟"

-تمت-
#طلّع_الخوف_اللي_جواك
#عزيف_العفاريت
#هيثم_ممتاز 

<head><script async src="https://pagead2.googlesyndication.com/pagead/js/adsbygoogle.js?client=ca-pub-3241285420421156" crossorigin="anonymous"></script></head> 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق