الاثنين، 18 أكتوبر 2021

إهداء - قصة رعب

 


الحقيقة التي لا خِلاف عليها أنني كرهت هذه الرواية من الإهداء الموجود فيها. إنه إهداء ساذج مثل الكاتب, يظنّ أنه من المرعبين الذين لا غبار عليهم. كل الكتّاب يظّنون هذا.

كما أن مادامت هذه جودة الإهداء, فماذا سيكون المحتوى نفسه ؟
إليكم هذا الإهداء المكتوب..
"ستطوي كل شياطين الأرض بمخالبها كل من يترك إكمال هذا العمل العظيم"
هل رأيتم غرور أكثر من ذلك ؟ كما أن أين الإهداء ؟ من المعتاد أن يكتب أي كاتب محترم "إلى فلان وفلان وفلان وفلان .. شكراً لكم" أو أي شيء على هذا المنوال.
المهم أنني كرهت الرواية قبل أن أقرأها والكاتب المغرور, ولهذا لم أتحمل فكرة أن أضع الرواية في المكتبة, بل تخلصّت منها بالحرق.
أمسكت بها وصعدت إلى السطح وأشعلت فيها النار بكل بساطة وأنا في كامل الحنق والضيق لأنني أضعت هذه الدقيقة في قراءتها, وسرعان ما ذهب كل الضيق وتلاشى الحنق فور أن نزلت.
عدت أفكر في رواية جديدة أقرأها وأنا أدعو الله أن لا يخيب ظنيّ للمرة الثانية, ووجدت الرواية وجلست أقرأها و بدأت فيها.. الصفحة الأولى جميلة, أما الصفحة الثانية فكانت بيضاء خالية إلا من جملة مكتوبة في المنتصف.
" كل شياطين الأرض في حماس للفتك بك"
ما هذا الجنون ؟ قلتها وأنا في غاية الذعر. الكاتب مختلف, إذن ما هذه الجملة ؟ كما أنه من غير المنطقي أن أقرأ صفحة عادية من صفحات رواية ثم تليها صفحة بيضاء كهذه دون أن ينتهي الفصل.
بسرعة قلّبت الصفحة لأجد الرواية تعود بأحداثها.. تأكدت من الصفحات التالية فوجدتها عادية جداً.
أخذت أقرأ وأقرأ.. وصلت إلى منتصف الرواية وقلّبت الصفحة لأجدها بيضاء – رغم أنني تأكدت من قبل – وجملة تقول.
" هل أنت مستعد "
شعرت برجفة و قشعريرة وأنا أفكرّ. لا .. لست مستعداً.
هنا أغلقت الرواية وألقيتها من يدي كالملدوغ وأخذت أهديء من توترّي.. هل كان الإهداء هو تهديد؟
دفعني الفضول إلى فتح الرواية مرة أخرى لأتأكد من نفس الصفحة فوجدتها عادية جداً.
لن أجازف وأكملها اليوم...
تركتها وقمت, وأنا أفكرّ في الرعب الذي سيحدث لي, فأنا لم أترك الرواية بل حرقتها! تخيّلوا ما ستفعله بي شياطين الأرض.
حاولت التفكير في حلّ, فبحثت عن إسم الرواية إياها لأتأكد من إسم كاتبها ودخلت لأبحث عنه في الفيسبوك و أرسلت له رسالة مليئة بالذعر والدعوات واللعنات بسبب هذا الإهداء وما حدث لي من بعدها, وطبعاً لم أذكر أنني أحرقت روايته.
في الحقيقة لم يطل إنتظاري فوجدته يقول لي.
- أي إهداء ؟
كتبت له.
- في الرواية ..
كأنه تردد في الكتابة لي, ولكنه كتب أخيراً.
- أنا لم أكتب أي إهداء في الرواية.
إصفرّ وجهي.. سمعت صوت صرصور الحقل يتردد كثيراً.
راجعت جملته هذه عدةّ مرات قبل أن يتردد السؤال المخيف في ذهني:
"إذن. ما هذا الإهداء الذي قرأته ؟ ما الذي يريده مني شياطين الأرض ؟"
و الآن كما ترون وبعد أيام من هذا اليوم أنا في طريقي إلى الطبيب النفسي فيبدو لي جليّاً أن هذه الخدوش في جسدي من هؤلاء الشياطين ولكن من حولي يقولون لي أن لا شيء وأنني أؤذي نفسي أثناء نومي.
لا يا أعزّائي ... إن هذه الخدوش تحمل توقيع كل شياطين الأرض وإنهم ينتقمون بسبب عدم قراءتي للرواية بعد قراءة الإهداء الذي لم يكتبه الكاتب نفسه.. و الأدهى بسبب حريق لها.

-تمت-
#طلّع_الخوف_اللي_جواك
#عزيف_العفاريت
#هيثم_ممتاز

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق