الأربعاء، 20 أكتوبر 2021

الحاج دراكولا - قصة رعب كوميدية

 


دعاني حماي إلى بيته في أول زيارة بعد خطوبتي من إبنته. إستقبلني من على باب منزله الذي هو في الحقيقة ليس بمنزل على الإطلاق. هل يمكن أن أقول قصر ؟ إن هذا القصر لم أرَ مثله في مصر على الإطلاق, فكيف بهذا القصر الفخم بأبراجه و جدرانه الرمادية أن يكون في منطقة شعبية قديمة كهذه في القاهرة ؟

وجدته يقف عند الباب بملامحه البشوشة الطيّبة. إنه رجل كسائر الأباء الذي يرتدون الجلباب الأبيض و رأسهم أصلع وعلى وجوههم الطيبة التجاعيد الهادئة و زبيبة الصلاة خافتة. كان يبتسم لي فإبتسمت له وقال لي.
- أهلاً أهلاً بجوز بنتي المستقبلي.
أدخلني قصره الفخم – الذي زرته من قبل بالطبع – وإصعدني للدور الأول وأدخلني إلى غرفة المعيشة التي تشبه غرف المعيشة في البيوت المعتادة. جلستُ و إستقبلتني حماتي و معها خطيبتي. سلّمت عليهما و قالت خطيبتي.
- تشرب إيه ؟
- لو فيه عصير...
- فيه عصير أوطة يجنن. تاخد كوباية ؟
- ماشي
قالت حماتي.
- هدخل أحضر الغدا وأسيبكم بقى. قلتُ كأي خطيب أو زوج إبنة عند بداية أي حوار.. الجملة التي لابد أن تتكررّ مئات المرات وإلا ستحلّ عليك اللعنة أو يقولون "واد قليل الأدب".
- إزيك يا عمّي ؟
- نحمده يابني..
- معلش يا عمي عندي سؤال صغير.
نظر لي فسألتُ.
- هو إسم عيلتكم فعلاً درا.. دراكـ.. إحم دراكولا ؟
- دراكولا دة جدّي السادس الله يرحمه و عشان كدة أنا إسمي سعيد دراكولا.
- كنت فاكره لقب لحد يوم الخطوبة.
- لالالا إحنا إسمنا كدة فعلاً. سمعت عنه ؟
- دراكولا؟ أه في أفلام الرعب...
ضحك حماي وقال.
- هو مشهور فعلاً. هو اللي جه مصر و بنى القصر اللي إنت فيه دة. خلّي بالك بقى
- و هو كان مصاص دماء فعلاً ؟؟
دخلت خطيبتي حاملة كوب الطماطم الأحمر في يدها فقال عمّي مازحاً.
- الدمّ وصل أهو..
بلعتُ ريقي ونظرت خطيبتي (سارة) له ولي متوترّة ووضعت الكوب أمامي قائلة.
- دوقه وقول إيه رأيك.
نظرتُ متوجساً إلى الكوب وحاولت من خلال معرفتي بشكل عصير الطماطم مقارنته مع شكل الدم.. بدا لي إنه عصير طماطم فعلاً فإمسكته وتذوقته.
كان هو..
نظرتُ لخطيبتي الحسناء وقلتُ.
- تسلم إيديكي.
قال عمّي.
- إنت هتعاكسها قدامي ولا إيه يا ولد ؟
إبتسمتُ و قالت (سارة) أنها ستدخل لتساعد أمها في إعداد الطعام.
- الدمّ عجبك ؟
قالها ضاحكاً فقلتُ له.
- أه لذيذ جداً.
كان يقهقه بطريقة مضحكة بالفعل.
ثم تجاذبنا أطراف الحديث, حتى نادت حماتي على زوجها.
- يا سعيد.. يا سعييييد.. سعيييد.. دراكولااا.. يا دوكااا..
نظر عمّي لي قائلاً.
- كانت بتلسوعك زي ما بتلسوعني ؟
- مين دي ؟
- عزيزة..
- حماتي ؟
إنفجر ضحكاً وقال لي.
- يا غبي إنت مكنتش بتتلسوع بعزيزة أيام المدرسة ؟
- إحم.. لا يا عمي معلش.. مش فاهم والله.
- والله غبي. مش فاهم إزاي بنتي حبتك يا أخي.
ضحكتُ مدافعاً عن نفسي قائلاً.
- يا عمي أقسم بالله مش فاهم. قصدك عزيزة حماتي ؟
- مفرقتش حماتك من الخرزانة.
هنا تقريباً فهمت.
- حضرتك قصدك على الخرزانة اللي كان إسمها عزيزة ؟
- أه هي.. أهي حماتك يا سيدي الخرزانة بتاعتي. لما أقوم أشوف عايزة إيه.
قام عمّي بعض الوقت ثم نادت عليّ خطيبتي. وجدتها أمامي فإصطحبتني إلى الأعلى ثم الأعلى حيث غرفة فاخرة خالية إلا من منضدة "سفرة" وعليها أصناف مذهلة من الطعام الشهيّ و عمّي يتوّسط الوليمة وأمامه على يمينه حماتي (عزيزة). قال لي.
- مش دمّ متخافش..
ضحكت من مزحته وجلست (سارة) أمام أمها وجلستُ بجانبها "سارة طبعاً". كان الطعام فوق الوصف, وبعد تناولي إياه قامت (عزيزة) و (سارة) وقال حماي.
- متقومش.. الحلو جاي.
إنتظرتُ الحلو الذي كان كريم كراميل, ولم أذق مثل حلاوته من قبل.
بعد الإنتهاء, إصطحبني حماي إلى الأسفل حيث جلسنا أول مرّة ثم نادى وقال.
- متعملهلوش..
ثم نظر لي وقال.
- هتشرب شاي
بعد قليل جاءت (سارة) و ورائها (عزيزة). وضعت أمامي كوب الشاي بينما سحب الجميع أكواباً سائلها أحمر غامق اللون.. ظننته عصير طماطم مرة أخرى - لديهم هوس بالطماطم ؟ -و لكن اللون كان أغمق.. شعرتُ بالهلع وأنا أقول.
- دة دم ؟؟
أشارت لي (سارة) قائلة.
- تدوق ؟
وكدتُ أصرخ عندما إقتربت مني وقالت.
- والله لازم تدوق.
وجدتُ نفسي أشرب و أنا على وشك التقيؤ ولكن مهلاً... إنه شربات فراولة لا أكثر.
ضحك حماي وضحكت حماتي و (سارة) قالت لي.
- ضحكنا عليك.. ضحكنا علييييييك.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق